شخصية جدعون
(1) جدعون والوداعة :
1- كان جدعون وديعاً عندما ظهر له الملاك ، فسأله بروح الوداعة : " إن كان الرب معنا فلماذا أصابتنا كل هذه وأين كل عجائبه التى أخبرنا بها آباؤنا " ( قض6: 13 ) ..
2- كان أيضاً وديعاً حينما دعاه الملاك فقال له " أسألك يا سيدى بماذا أخلص إسرائيل ها عشيرتى هى الذُلَّى فى منسى وأنا الأصغر فى بيت أبى" (قض6: 15) .. إنسان شعر بضعفه .
3- كذلك لم يغتاظ عندما قيل عليه من المديانيين أنه رغيف خبز شعير (قض7: 13) بل " سجد ورجع إلى محلة الإسرائيليين وقال قوموا لأن الرب قد دفع إلى يدكم جيش المديانيين " (قض7: 15) ..
4- بعد انتهاء الحرب على المديانيين ثار عليه سبط أفرايم ، ولكنه بروح الوداعة والاتضاع وكذلك حكمته ساعدته على مواجهة هذا الموقف بلطف شديد مكنه من امتصاص غضبهم " ماذا فعلت أنا نظيركم ؟ أليس خصاصة إفرايم خيراً من قطاف أبيعزر ؟ ليدكم دفع الله أميرى المديانيين غراباً وذئباً وماذا قدرت أن أعمل نظيركم" (قض8: 2-3) وبمدحه لهم امتص غضبهم بدلاً من أن يفقدهم ويحولهم إلى أعداء له .
5- وعندما طلبوا منه أن يتسلط عليهم قال لهم بل " لا أتسلط عليكم ولا يتسلط ابنى عليكم الرب يتسلط عليكم" (قض8: 23) ..
(2) جدعون والصراحة :
1- كان جدعون شخصاً صريحاً حتى مع ملاك الرب فسأله ما فى قلبه وعن عشيرته وطلب منه علامة فقال : " إن كنت قد وجدت نعمة فى عينيك فاصنع لى علامة أنك أنت تكلمنى لا تبرح من ههنا حتى آتى إليك وأخرج تقدمتى وأضعها أمامك " ( قض6: 17-18) ..
2- وأيضاً طلب علامة أخرى قبل نزوله للمديانيين وهى جزة الصوف ( قض6: 36-40) .. والتى كانت بمثابة نبوة للعهد الجديد ( كما بالسؤال السابق ) ..
(3) جدعون والشجاعة :
1- عندما أمره الرب بهدم مذبح البعل أخذ جدعون عشرة رجال ليلاً وهدم المذبح ولم يهمه أمر أهل المدينة أو حتى أمر أبيه الذى كان كاهن أوثان ، وكان بيت أبيه معروفاً جداً لدى إسرائيل حيث كانت عليه سارية (قض6: 28) ..
2- وظهرت شجاعته أيضاً فى حربه ضد المديانيين لدرجة أن الأرض استراحت فى أيامه أربعون سنة (قض8: 28) .. ونرى أنه حارب بثلاثمائة شخص فقط ، على الرغم أن جيش المديانيين كان يُقدر بحوالى 135 ألف رجل ، إلا أنه وعند خروج الشعب للحرب نجد أن الرب أراد التأكيد على أن العامل الأساسى لكسب المعركة هو وجوده فى وسط شعبه ، وليس بكثرة العدد المستعد للحرب ( الذين كانوا 32 ألف وقد استكثره الرب جداً لئلا يفتخر علىَّ إسرائيل قائلاً يدى خلصتنى – قض7: 2 ) .. و قال له الرب : " والآن ناد في آذان الشعب قائلا من كان خائفا ومرتعدا فليرجع وينصرف من جبل جلعاد فرجع من الشعب اثنان وعشرون ألفا وبقي عشرة آلاف " (ع3) ، ونجد قول الرب " لم يزل الشعب كثيراً " (ع4) فطلب منهم النزول إلى الماء ليفرز منهم من يلغ بلسانه كما يلغ الكلب عن الذين يجثون على ركبهم لكى يشربوا ( كأنه يعلن أن من يجثون على ركبهم إنما كانوا من الذين يعبدون الأوثان ومعتادين على طقوس العبادة الوثنية ) ، فكان عدد الذين يلغون بيدهم إلى فمهم 300 رجل فقط .. أى مسرعين إلى تمام عمل الله .
إلا أن الضعف البشرى ظهر فى جدعون عندما رأى هذا العدد القليل للحرب ، فذهب متخفياً إلى محلة المديانيين متنكراً ومعه غلامه ليرى ويسمع بنفسه الرعب الذى زرعه الرب فى وسطهم ، وعندما سمع رؤيا أحد جنود مديان التى يحكيها لصاحبه حيث رأى رغيف خبز شعير يتدحرج إلى محلة المديانيين ويجئ إلى الخيمة ليضربها فتسقط ، وفسر له صاحبه ذلك الحلم " ليس ذلك إلا سيف جدعون بن يوآش رجل إسرائيل قد دفع الله إلى يده المديانيين وكل الجيش " (ع14) فتقوى قلبه ، وعمل خطة للحرب انتصر بها (حرب البلاليص ) ، ليس بالإمكانيات البشرية وإنما بعمل الله الذى يخرج من الضعف أمور فائقة لا يملك الإنسان أمامها إلا أن يقف مدهوشاً ومتحيراً ..