كيف يكون المسيح
إله حق وإنسان حق
في آن واحد ؟
للقس عبد المسيح بسيط أبو الخير
كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطردواي اخ او اخت له اي تعليق علي جزئية من هذا الكتاب , فليوضع في هذا اللينك الخاص بالتعليقات علي الكتاب https://saintmary.ahlamontada.net/montada-f67/topic-t2457.htm#12834محتويات الكتاب :
كيف يكون المسيح إله حق وإنسان حق في آن واحد ؟
1ـ صورة الله " الذي إذ كان في صورة الله " :
2 ـ أخلى نفسه :
3 ـ هل تغير من كونه إله إلى إنسان ؟
4 ـ الإله المتجسد الذي ينسب ما للاهوته لناسوته وما لناسوته للاهوته (تبادل الخواص والصفات) :
كيف يكون المسيح
إله حق وإنسان حق في آن واحد ؟
جزء رقم (1) يقول الربّ يسوع المسيح عن نفسه " أَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ." (يو 8/40)، ونؤمن ، بحسب ما جاء في الكتاب المقدس، أنَّه كان كاملاً في ناسوته، إنسانيَّته، فقد حُبِلَ به ووُلِدَ من العذراء القدِّيسة مريم، وكان له جسد حقيقيّ كامل من لحمٍ ودمٍ وعظامٍ ونفسٍ وروحٍ إنسانيَّة عاقلة، وقد إجتاز في كلِّ ما يجتاز فيه الإنسان من ضعفٍ وقوَّةٍ (1) ، أو كما يقول الكتاب المقدس بالروح " مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ." (عب4/15) ، ومات علي الصليب.(2)
وفي نفس الوقت يتكلَّم، الربّ يسوع المسيح، عن نفسه كإلهٍ وينسب لنفسه جميع أسماء الله وألقابه وصفاته، فيتكلَّم عن وجوده السابق في
الكون قبل الخليقة، كالأزليّ الأبديّ، الذي لا بداية له ولا نهاية، ويقول أنَّه ربّ داود وإله إبراهيم وجميع الأنبياء والبشر، الإله الواحد، ربّ الكلِّ، وأنَّه الموجود في كلِّ زمانٍ ومكانٍ، كلَّيّ الوجود، والقادر علي كلِّ شيء، كلِّيّ القدرة، والعالم بكلِّ شيء، كلِّيّ العِلْم ، وأنَّه يعمل جميع أعمال اللَّه وعلي رأسها الخلق فهو، كما يصفه الكتاب المقدَّس، الذي " كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ" (يو1/3-4)، " إِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشاً امْ سِيَادَاتٍ امْ رِيَاسَاتٍ امْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ." (كو1/5) (3).
إذًا فهو إلهٌ حقٌّ، كاملٌ في لاهوته، وإنسانٌ حقٌّ، كاملُ في ناسوته، إنسانيته !
والسؤال الأن هو :
كيف يكون المسيح إله حق وإنسان حق في آن واحد ؟ يقول القدِّيس بولس بالروح القدس " فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هَذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضاً: الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ. وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ.
لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. لِذَلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضاً، وَأَعْطَاهُ اسْماً فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ،" (في2/5-11) .
† فما معني قوله بالروح " الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ " ؟
† وما معني قوله " لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ " ؟
† وما معني قوله أنَّه " أَخْلَى نَفْسَهُ " ؟
† وما معني قوله " آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ "؟ .
† وهل يعني هذا أنَّ المسيح أخلي نفسه من لاهوته ومن مجده وعظمته ومن كونه الإله كلِّيّ القدرة والوجود والعلم وأصبح مقيدًا ومحدودًا بحدود الجسد ؟.
1 ـ صورة الله " الذي إذ كان في صورة الله " :
يستخدم الرسول بالروح في قوله " الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ " النص اليوناني " مورفي ـ μорφη ـ Morehe " والذي يُعَبِّر عن
طبيعة الكيان وشخصه(4)، والذي يُشير إلي الظهور الخارجي الذي يُوصِّل للجوهر(5)، وهنا يُعَبِّر عن الكيان الجوهريّ للَّه(6)، ولذا فالتعبير " صُورَةِ اللهِ" في هذه الآية مترجم في NIV " في نفس طبيعة الله
In The Very Nature Of God" أي " الذي إذ كان في نفس طبيعة اللَّه(7).
ويسبق قوله " صُورَةِ اللهِ ـ μорφη θεου ـ Morphe Theou " عبارة " الذي إذ كان ـ ός εν ـ Hos en "، و " كان " هنا ليست في الماضي البسيط، بل في الزمن التام المستمر والذي يعني هنا الوجود من البدء، أسبقيَّة الوجود ، الذي كان موجوداً دائماً، بصفةٍ مستمرةٍ في حالة الاستمرار ، مثل قوله " فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ". ويلي ذلك أيضًا قوله أنَّه، المسيح، " مُعَادِلاً لِلَّهِ. " الآب . ولا يساوى اللَّه إلا اللَّه، كلمة اللَّه ، صورة اللَّه، الذي له نفس طبيعة وجوهر اللَّه. هو الذي كان دائماً ويكون دائمًا وسوف يكون أبدًا، الأزليّ الأبديّ، الذي لا بداية له ولا نهاية، كقول الكتاب المقدس " يَسُوعُ
الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْساً وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ" (عب13/8)، وقول الرب يسوع المسيح عن نفسه " أَنَا الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، الأَوَّلُ وَالآخِرُ " (رؤ22/13) .
وقوله " لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً (isa ـισα ) لِلَّهِ " يوضِّحه ما سبق أنْ قاله الربّ يسوع المسيح لرؤساء اليهود " أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ " وفهم رؤساء اليهود من قوله أنَّه يعمل مثل اللَّه أنَّه يعني المساواة المطلقة للَّه ، يقول الكتاب " فَمِنْ أَجْلِ هَذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ السَّبْتَ فَقَطْ بَلْ قَالَ أَيْضاً إِنَّ اللَّهَ أَبُوهُ مُعَادِلاً (ison ـ ισον) نَفْسَهُ بِاللَّهِ. " (يو 5/17-18) . وقد استخدم الكتاب في كلتا الآيتين نفس التعبير " مساو أو معادل من الفعل " أيسوس ـ isos ـ ισος " والذي يعني مساوٍ أو معادلٍ .
أي أنَّه وهو صورة اللَّه المُعَبِّر عن الكيان الجوهريّ للذات الإلهيّة " اَلَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ" (كو1/15)، الذي هو اللَّه ، اللَّه الكلمة المساوي للَّه الآب " الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ " (عب1/3)، لم تُحسب هذه المساواة التي له مع الآب خلسة بلّ هي من صميم ذاته لكنَّه مع ذلك حَجَبَها في ناسوته متَّخِذًا صورة عبدٍ .