سلام المسيح
مع الجزء رقم ( 1) من كتاب المراهقة والجنس
(1) المراهقة والجنس
هناك أشياء يومية وزمنية يستطيع الانسان ان يشتريها بالمال إن توفرر لديه. وما هذا التبادل والتداول سوي اعطاء شئ (المال) مقابل شئ آخر (ما يراد شراؤه). وبعبارة أخري، نقول إنّ هذه المبادلة هي الحصول علي ما يساوي في قيمته ما نعطيه. فثمن المأكولات مثلاً يدفع بالعملة المتداولة؟ ومقابل كمية معينة من المال يبني منزل للسكن. ولكن ما هي كلفة التربية الصحيحة للأولاد؟ ماذا يدفع الأهل للحصول علي تعليم الأولاد التفكير السليم والعلاقات السوية؟
ما هي ثمن تعليم الاولاد الاخلاق السامية؟وهل لمحبة بعضهم بعضاً قيمة ماليةم؟ ماذا يدفع الأب كي يعلّم ابنه الشكر والتقدير للآخرين؟ وماذا يكلّف الأم تعليم ابنتها الحنان والعطف؟ هذه أشياء ليست موجودة في سوق الخضر ولا في المكتبة ولا في البورصة، فالمسؤولية الأولي في ما يتعلّق بتعليم الاولاد التفكير النقي والتصرّف الصحيح والكلام السليم إنما تقع علي عاتق الأب والأم، ولا سيما في ما يتعلق بالأمور الجنسية. ومعلوم ان المفهوم الذي يتكوّن لدي الانسان بخصوص الجنس وقضاياه يرافقه مدي حياته. فنتيجة للتربية الصحيحة في هذه الناحية من حياة الشباب والشابة إما يؤدي ذلك المفهوم الي التصرف بامانة وإما يجلب الحزن والإهانة.
(2) الجنس عطية من الله
مهما كانت خلفيتك أو حضارتك، أود توضيح هذه النقطة المهمة، بالقول إن الجنس بحد ذاته هو عطية من الله الخالق الي الانسان المخلوق. ويقول الكتاب المقدس إن "كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبي الأنوار "أي الله" (يعقوب 1 : 17).ولكن ما حدث منذ بدء الخليقة وما زال يحدث إلي اليوم هو أن الشيطان، اللي هو "سارق ولص"، ما زال يأخذ هذه العطايا "الصالحة" من الله ويلويها ويفتلها ويشوّهها لغايته الخاصة الرئيسية التي هي إبعاد الانسان عن الله الذي خلقه. واليوم،إن تصفحنا الجرائد والمجلات قليلاً أومررنا بدور السينما، نفهم ما أرمي إليه بما فيه الكفاية. لذلك قلنا ان هدف الشيطان كان وما يزال اغراء الانسان وابعاده عن الله، وغايته الخبيثة المثلّثة هي : التضليل والتعليل والتذليل، ولسنا في حاجة إلي البحث طويلاً لنري هذا ونقتنع به.
(3) المعرفة الجنسية والمراهق
دائماً ما أنصح الآباء بأن يتأكدوا تماماً من أن أطفالهم قد اكتسبوا معلومات وحقائق صحيحة عن الجنس قبل أن يصلوا إلي مرحلة البلوغ.
ورأيي الشخصي أنه لابد من تعريفهم بكثير من الحقائق - لا مرة واحدة فحسب - بل مرات ومرات ومرات، حتي لا يكون هناك أدني شك في أنهم لم يفهموها أو يتمثلوها واضحة في أذهانهم، وهذا ما يجب أن يحدث قبل المراهقة.
(4) توضيح تام للاختلافات القاذمة بين الجنسين
لابد من ان يقر ويعترف بها الطفل ولو عارض في ذلك أشد المعارضة.
ثانياً " الحقيقة الكاملة عن الطريقة التي يولد بها الأطفال.
والواقع أن المسألة الأولي تصبح سهلة ميسورة في العائلات التي تشمل أطفالاً كثيرين من الجنسين، فاختلاطهم الدائم وحياتهم المشتركة ومشاركتهم بعضهم لبعض في الحياة، كل هذه المظاهر تزودهم بالحقائق الصحيحة.
ويجب التأكد من أن هذه المعلومات تكون مصحوبة ببعض المشاهد الحية، ولكن يجب أن تتذكر دائماً أن الأولاد غالبا ما يصدمون حينما يجدون أن الفتيات تنقصهن بعض عناصر الذكور، ويقودهم هذا الاكتشاف إلي الرثاء لهن والعكس صحيح أيضاً، فالفتيات لا يستطعن أن يتقبلن بسهولة الحقيقة التي تقرر أن الأولاد يمتلكون أشياء لا يمتلكنها، وهذا الاكتشاف يقودهن إلي شعور بالحقد الدفين علي الأولاد، وكثيراً ما يؤثر هذا الحقد تأثيراً غريبا يدعو إلي الفضول، ذلك لزن الفتاة تجسد عسيراً عليها أن تصدق ما تراه، وغالباً ما تتظاهر بأنها لا تلاحظ بتاتا الميزات الذكرية للولد، والواقع أن تظاهرها هذا ناتج عن عملية لا شعورية من الرفض المستتر.
ومن المؤكد - بل من المهم جداً - أن يدرك كل من الولد والفتاة الفروق القائمة بين الجنسين، مع محاولة إقناع كل منهما بأنه ليس هناك جنس أعلي وأفضل من الجنس الآخر، بل هناك فقط جنسان مختلفان لكل منهما دورة في الحياة. وحينما يتقبل الطفل هذه الحقائق ويتمثلها في نفس لا يكون هناك ثمة مجال للمشاكل التي تنتج عن الجهل بحقائق الجنس. ونستطيع - بذلك - أن نجنبه المعلومات الخاطئة التي قد يكتسبها في سن الابعة أو الخامسة، تلك السن التي ينبثق فهيا حسب الاستطلاع الجنسي والذي لا يدعو كونه ترجمة للحافز الشديد الذي يدفع الطفل للبحث عن الفروق القائمة بين الجنسين،وهذا الحافز له أساس لا شعوري من الرغبة في عرض الجسم.
(5) الحقائق الجنسية والثقه
لما كانت هذه الحقائق تمس الحياة الانسانية ذاتها لذا فان عنصر الثقة في المربي فاعليته الكبري وأثره علي حياة أبنائنا. فإن اكتشفت المراهقة في بدءحياته أن والديه قد خدعاه في تقديم بعض معلومات خاطئة أثناء طفولته. فلكي ينشأ المراهق في تربية جنسية سليمة يلزم أن يكسب الوالدان ثقته وصداقته منذ طفولته، يتدربا كيف يحاورانه بروح الحب والاعتزاز دون استخفاف بآرائه.
(6) عريانان ولا يخجلان
إن عدنا إلي بدء الخليفة نسمع : (ذكراً وأنثي خلقهم( (تك 1 : 27)؛ كما يقول السيد المسيح ( من البدء خلقهما ذكراً وأنثي( (مت 19 : 4). هذه الحقيقة البسيطة والأساسية تكشف عن فهمنا المسيحي للجنس بكونه خطة إلهية وليست من صنع الإنسان؛ فقد أوجد البشرية منذ بدء الخليقة ليكونوا ذكوراً وإناثاً، لإيجاد مجتمع بشري (حسن جداً( (تك 1 : 31)(2).
لقد عاش أبوانا الأولان في الفردوس (وكانا كلاهما عريانين آدم وحواء وهما لايخجلان( (تك 2 : 25). هذه العبارة الكتابية تكشف لنا عن نظرتنا القدسية للجسد كله - مع الاختلاف بين جسدي الرجل والمرأة - بكونه عطية إلهية صالحة. هذه النظرة تعكس نظرة قدسية للحياة الإنسانية من كل جوانبه. لقد عاش أبوانا الأولان في الفردوس قبل السقوط في حياة زوجية فردوسية، كل ما في داخلها وخارجها يبهج قلبيهما. يري البعض أنهما مارسا الحياة الزوجية علي مستوي العلاقات الجسدية أيضاً، معتمدين علي العبارة : (لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً( (تك 2 : 42)/ وأيضاً العبارة( (اثمروا واكثروا واملأوا الأرض واخضعوها( (تك 1 : 28). لكن هذه العلاقة لم تقم علي اطفاء شهوة جسدية تحمل الطابع الأناني، بل علي تقديم كل طرف ذاته بحياته الفكرية والنفسية والجسدية للآخر؛ أي حملت علاقة حب باذل وليس إرضاء لشهوة مؤقتة، كما حملت روح الوحدة في أكمل صورها الزوجية بالتصاق الأعماق الداخلية جنباً إلي جنب مع التصاق الجسد. لذا (قال آدم : هذه الآن عظم من عظامي، ولحم من لحمي( (تك 2 : 42).
يشعر كثير من الأولاد برغبة لا تقاوم في عرض مميزاتهم الجنسية أمام الآخرين. لأنهم يشعرون بالفخر والزهو بها، ويستمرون لفترة طويلة في عرض أجسامهم والاشمئزاز من الثناء علي الآخرين. وهذا النوع من العرض كثيراً ما يظهر بشكل كوميدي ولكنه ليس مضحكا دائماً، بل إنه قد يعقب نتائج هامة ذات مغزي عميق. وأذكر أن ولداً صغيراً أخبرني أنه كان يلعب مع بعض الأطفال ممن في مثل سنه حين دعته إحدي الفتيات إلي أن يكشف لها عن جسمة للتفرج عليه الأمر الذي أخجله وجعله يشعر بالخجل بعد ذلك كلما قابل أو جلس مع الفتيات.
والواقع أنه ليس هناك ما يدعو إلي أن ننظر إلي العلامات الأولي للفضول الجنسي والرغبة في العرض علي أنها شئ شاذ شنيع غير طبيعي، فلابد من التحمقق من معناها وإشباع فضول الطفل بالطريقة الصحيحة فلابد لنا من أن نفه أن له مطلق الحق في أن يتأكد من أن والديه لا يعارضانه في ذلك بل يرحبان بمعاونته وتوسيع أفقه ومعلوماته في هذا الشأن.
وأني لأتعجب لمااذ نخبر الطفل بالمعلومات الصحيحة إذا ما حاول أن يعرف الفرق بين القط والكلب، ثم نحرمه من معلومات لا غني له عنها ليس لها أي ضرر أو أذي..